30 يوليو 2012

رَمْـي الإسفنجة!

في الملاكمة.. ساعات كنت باشوف ملاكم بدأت قوته تضعف قُدام قوة خصمه وضرباته ومع استمرار ضغط الخصم عليه واستغلال حالة الضّعف دي.. يبدأ في الانهيار ويفقد السَّيطرة على نفسه لدرجة إنُّه يلاكم الهوا مثلًا بضربات طايشة، أو يروح برجليه من غير وعي لخصمه اللي بيستغل دا طبعًا ويستمر في ضربه بقسوة وعنف أكتر..
وبصراحة دا كان بيحيّرني.. ليه مابينسحبش؟!.. وإزاي قادر يتحمِّل؟.. وإيه مخليه مُستمر في معركة خسرانة؟!
ممكن يكون لسَّة عنده أمل شبه مستحيل؟ وللا هو بيعمل كدا علشان رافض فكرة الاستسلام نفسها.. أو رافض فكرة إنُّه يكون مهزوم.. مع إن دا مصيره في النِّهاية وكل الحكاية مسألة وقت مش أكتر!.. لأن خصمه مش هيسيب الفرصة دي.. يا إما هيفوز عليه بالضربة القاضية أو بالنُّقط.. أو هيستمر في الضَّغط عليه لحد ما يعلن استسلامه.. وعلشان اللَّاعب يستسلم في الملاكمة.. لازم يدي إشارة لمُدربه بإنُّه مش قادر يكمِّل.. هنا بيرمي المُدرب الفوطة أو الإسفنجة.. ودا معناه الاستسلام.. وفيه أوقات المُدرب بيشوف إنه لازم يرمي الإسفنجة من غير ما يستنى إشارة من اللَّاعب اللي بيكون مش عايز ينسحب وعايز يكمّل رغم كل آلامه..

هنا نظرة المُدرب بتكون غير اللَّاعب لأنّه بيكون شايف إن دا في مصلحة اللَّاعب وإن الاستمرار معناه انتحار.. ونهاية لمستقبله.. وإن خسارة مباراة مش معناه الموت.. ولا الفشل مرَّة نهاية العالم.

 لمَّا كنت باشوف المُدرب وهو بياخد القرار من غير ما يستني إشارة من اللَّاعب.. كنت بفكر في إزاي أوقات الواحد بيكون زي الملاكم اللي عمال ينضرب دا.. بس بيتحمّل رغم ضعف قوته..، بيستمر رغم إنّه عارف بإن النِّهاية محتومة ومعروفة..، إزاي الواحد بيعند على نفسه عشان خايف من الانسحاب أو الفشل.. إزاي بيتحمِّل عذابه وألمه.. علشان ماينطقش بكلمة استسلام، وإزاي بيهون عليه الموت.. ولا إنُّه يقع قُدام الضّربات اللي بتجيله من كل مكان.. مهما كانت قوتها!

وأنا بافكر في كل دا.. اتمنيت  لو ألاقي حد يرمي الإسفنجة مكاني ويعلن استسلامي من غير ما يستنى إشارة مني.. حد لما يلاقيني بانتهي وباهد في نفسي ياخد قرار بالانسحاب بدالي في الوقت اللي أنا عمري ماهاعلن فيه انسحابي ولا استسلامي!.. حد يقولي إن الهزيمة في معركة مش معناها هزيمة في الحرب كلها.. وإن الانسحاب في أوقات كتيرة مش معناه ضعف.. وممكن يكون معناه إعادة ترتيب أوراق، وإعادة استعداد للمعركة الجيَّة.

 وفي الحياة بنشوف دا.. حد بيخسر مرَّة.. لكن بيكسب بعدين، حد بيقع مرَّة لكن بيصلب طوله وبيقف وبيكمّل من غير ما يقع بعدين حد بيحزن وبينجرح وبيتألِّم مرَّة أو مرَّات لكن مش دايمًا!!
المهم.. هو الوقت اللي نعلن فيه انسحابنا واستسلامنا.
والمهم.. يكون قرار الانسحاب.. مش قرار نهائي وأبدي.. ويكون مجرد خطوة علشان نبتدي من أول السّطر.
والأهم.. إننا حتى لو مالقيناش اللى يرمي الفوطة بدالنا.. يبقى لازم يكون دا اختيارنا!..
ومن جوانا.. وبإرادتنا.. وباقتناعنا!

29 يوليو 2012

داء السكوت

مع إننا بنتكلم كتير أوي.. في حاجات كتير أوي.. وأساتذة في النصايح وحل مشاكل غيرنا.. لكن معظم كلامنا مش بيعبر عن اللي جوانا ناحية الناس اللي حوالينا.
يعني مثلا تلاقينا نتكلم على بعض..، مش مع بعض عن بعض!
مفيش صراحة ولا وضوح في نقل مشاعرنا.
ممكن أوى نسمع كلمة تضايقنا قالها صاحب عننا وبدال ما نلومه ونعاتبه في ساعتها.. نسكت!
ممكن تشوف صاحبك غلط.. ماتواجهوش بغلطه.. وتسكت!
ممكن تزعل من صاحبك وتاخد منه جمب بسبب أي حاجة من غير ما تقوله السبب ده وتقابله عادي بس اللي في القلب في القلب وتشيل منه.. وتسكت!
حتى الأخوات.. ماحدش بيعرف أخوه بيفكر في إيه، ولا إيه أحلامه ولا بيفهمه لأنه مش بيسأل ولو سأل أخوه هيقوله  "الحمد لله" وخلاص من غير أي مساحة تانية للكلام.
إخوات آه.. بس كل واحد عايش في جزيرة بعيد عن التاني.
مفيش البنت اللي بتيجي لأخوها تحكيله ومفيش الأخ اللي بيطبطب على أخته وياخدها في حضنه.
حتى الأب والأم بيبقو فاكرين إن كل شيء تمام وتحت السيطرة لمجرد إنهم لما بيسألو أولادهم عاملين إيه.. الأولاد يردو "تمام الحمد لله"..، "يا بابا ماتقلقش.. يا ماما إطمني"!
وكل واحد يقفل صندوق أسرار نفسه عليه.
وبصراحة معرفش ليه داء السكوت ده طبع فينا؟!.. ليه بنسيب النار تحت الرماد؟!.. ليه مثلا لما نحب حد نخبي ونلف وندور .. ومانروحش نقوله..
وليه لو حد بيحبنا وجه قالنا نتقبل ده ومانسيبوش غرقان في حيرته.. وليه لو لقينا حد مش عايزين نبقى على علاقة بيه.. نسكت ونقبل دخوله في حياتنا وما نقولوش!
ليه لو اتوجعنا من صاحب أو حبيب.. نسكت ومانروحش نلومه في وشه ومانروحش نشكي من وراه لحد تاني.
مشاكل كتير أوي ممكن تتحل لو إتكلمنا، ودموع كتير أوي هنوفرها لو اتكلمنا.
كنت وأنا صغير  لما أشوف ده فى الأفلام الأجنبية وإزاي الناس دي بيتكلمو طول الوقت عن اللي جواهم مهما إن كان.. كنت استغرب أوي وأقول ليه إحنا مش زيهم.. همه ناس وإحنا ناس؟!.. طبعا عارف إن فيه اختلاف ثقافات وعادات.. لكن مافتكرش إن المشاعر الإنسانية فيها اختلاف لدرجة ناس تقدر تخبيها وناس تاني تبوح بيها.
بحترم أوي فيهم إنهم بيتكلمو عن اللي جواهم بصراحة أوي.. بينقلو إحساسهم بالظبط ناحية اللي حواليهم.. حتى لو قاسية شوية أو جارحة!
والأجمل إن الطرف التاني بيتقبل وبيرتاح أكتر!
بجد الكلام حلو أوي لما بيكون في محله وبيكون أجمل لو طالع من جوانا بصدق.
ما تيجو نجرب كدة نتكلم!
نحب.. نقول!
نغضب.. نقول!
نكره.. نقول!
نسامح.. نقول!
آه.. نقولها..، لاءه.. نقولها!
إتكلمو!

نص الكوباية

 نص الكوباية.. الفاضي/ المليان (glass-half-full/glass-half-empty).. قضية فلسفية.. قديمة/ جديدة.
صراع دايم بين وجهتين نظر.. ونوعين من الناس..
متفائلين.. شايفيين نصها مليان.. ومتشائمين .. شايفيين نصها فاضي.

مبدأيا لازم نعرف إن مفيش حد يقدر يمنع نفسه من التشاؤم أو التفاؤل لأن التفاؤل والتشاؤم من المشاعر البشرية الراسخة داخل الوجدان البشري.
 ولكن الخطأ كله في جعل التشاؤم عادة تسيطر على ردود أفعالنا واستجابتنا للمنبهات العادية اللي تمر علينا كل يوم.

طيب مين هو المتفائل؟، ومين هو المتشائم؟
على حسب معجم وبستر.. التفاؤل هو: الميل الى توقع أفضل النتائج.
كما تشير منظمة  الصحة النفسية (
2004) إلى أن التفاؤل عملية نفسية إرادية تولد أفكار ومشاعر الرضا والتحمل والأمل والثقة، وتبعد أفكار ومشاعر اليأس والانهزامية والعجز
أما علماء علم نفس الشخصية مثل شاير و كارفار يعرفان التفاؤل بأنه: النظرة الإيجابية، والإقبال على الحياة والاعتقاد بإمكانية تحقيق الرغبات بالمستقبل، بالاضافة الى الاعتقاد باحتمال حدوث الخير او الجانب الجيد من الأشياء بدلا من حدوث الشر او الجانب السيء.
كما عرفه كراندال بأنه: عبارة عن التوقع القصير المدى بالنجاح في تحقيق بعض المطالب في المستقبل.
وعرفه ستيبك بأنه: التوقعات الإيجابية عن المستقبل الشخصي للأفراد.
وعرفه مارشال وأصحابه بأنه: استعداد شخصي للتوقع الايجابي للأحداث.
على النقيض من ذلك كله نجد التشاؤم الذي يقول عنه مارشال وأصحابه: أن التشاؤم استعداد شخصي أو سمة كامنة داخل الفرد تؤدي إلى التوقع السلبي للأحداث.
ويعرفه شاورز بأنه يحدث عندما يقوم الفرد بتركيز انتباهه وحصر إهتمامه على الاحتمالات السلبية للأحداث القادمة، أي إنه التوقع السيء للأحداث.

نرجع للكوباية الفاضية/ المليانة.. اللي بيشوف نصها فاضي بيقول إن هو الصح!.. واللي بيشوف نصها مليان برضه بيقول إن هو الصح!
طيب والحقيقة؟.. همه اللي اتنين صح!
لاء!.. همه اللي اتنين غلط!
والصح.. إن الكوباية نصها مليان..  ونصها فاضي.
والدنيا كلها كدة.. موجب وسالب..، شروق وغروب..، حب وكراهية..، وفا وخيانة..، خير وشر..، ربيع وخريف..، حياة وموت.
يعنى ماينفعش نشوف كل حاجة بنضارة سودا وسلبية.. ونفضل نلوم في العيش والعيشة واللي عايشينها!
ماينفعش عشان قصة حب فاشلة نقول إن الحب وحش..، ولا علشان بلدنا في ظروف صعبة.. تبقى وحشة.
وبرضه ماينفعش نشوف كل حاجة بنضارة وردية.. وتبقى الحياة بمبي بمبي!.. على رأي سعاد حسني.. الله يرحمها.
باختصار.. مفيش يوتوبيا ولا مدينة فاضلة إلا في الكتب والروايات وخيال الأدباء والحالمين والعشاق!
الحقيقة.. إن ربنا ماخلقش جنة على الأرض.. ولا جهنم برضه.

الملاحظة والمفارقة هنا إن نهاية الفريقين بتكون واحدة!
المتشائم زيادة.. اللي بطبعه يائس ومحبط وسلبي بتكون نهايته الفشلوالانعزال.
و المتفائل زيادة.. آخرته بيتصدم في حاجات كتيرة حواليه.. وغالباً الصدمة دي بتكسره وتجيبله اكتئاب وبرضه ينتهي بالفشل والانعزال.
يعني الصح ..
نعيش بحساب.. ونشوف الدنيا بألوانها الطبيعية.. من غير نضارات بمبي ولا سودا..
ونعمل لآخرتنا..
ونحلم .. بس واحنا فايقين و واقفين على أرض ثابتة..، ونعمل كل اللي علينا.
وفي الآخر وده المهم..
نكون راضيين.

Translate