كان رفع علم #المثليين
في حفل فريق #مشروع_ليلى سببًا في فتح باب الجدل حول استعمال كلمة مثلية، فهناك من
يُصر على استخدام كلمة شذوذ.. وأصبح من الواضح أن الكلمتين تمثلان توجُّهان
مختلفان للتّفكير.. فمن يرى أنَّ "المثلية" كلمة أقرب للدِّقة لوصف
التّوجُّه الجنسي لدى بعض الأفراد على
الفور يمكننا أن نعرف أنّه متقبّل وجودهم وقادر على التّعامل معهم بشكلٍ ما بلا أي
حزازيات أو نفور.. على النَّقيض، من يجد في "الشّذوذ" وصفًا مُعبِّرًا
عن تلك الحالة، فهو غالبًا شخصية تحمل تعصُّبًا ما ضدهم، وضد التّعامل معهم
مطلقًا.. وفي روايتي #جُسُور_العُزلة تعرَّضت لهذا الموضوع من خلال إحدى بطلات
الرّواية وهي "بُشرى".. وعلى لسانها جاءت الفقرات التَّالية:
المثلية الجنسية تشير
إلى التوجه الجنسي لدى الرّجال والنّساء، وهي أمر طبيعي وهبه الله لبعض خلقه،
وليست اختيارًا، بل صفة فطرية غير قابلة للتّغيير. كلمة Homosexuality
كلمة معبرة عن الهوية الجنسية للمثلين والمثليات، وهي كلمة مُركَّبة من اليونانية
واللَّاتينية، الجزء "هومو" مشتق من الكلمة اليونانية هوموس ὁμός تعني "نفس" (ولا علاقة لها بهومو
اللَّاتينية التي تعني "إنسان" أو "رجل").. والجزء Sexuality بمعنى نشاط جنسي..، كانت تعني في البداية
التّوجه الجنسي العكسي، قبل تداول كلمة "المثلية" وهي الكلمة التي تعد
إنجازًا لُغويًا ثقافيًا حقيقيًا للّغة العربية، ففي اللُّغة الإنجليزية تستعمل
كلمات مختلفة للدِّلالة على المثلية الجنسية، وكلّ من هذة الكلمات تبطن بداخلها
مصالح سياسية واجتماعية معلنة أو غير معلنة، فكلمة Gay
على سبيل المثال ترمز إلى المثليين عامة واستعمالها يحظى بنقد من الفئات النّسوية
حيث أنَّها تضم الرّجال والنّساء بخانة واحدة، ومن هنا فإن استعمال هذه الكلمة يعد
تعتيمًا على خصوصية النّساء المثليات مما يضر بحقوقهن، وكثيرًا ما تُستعمل كلمة Homosexuals إلَّا أنَّها تثير الحساسية لدى بعض الرّجال
والنّساء لأنها تشدّد على البُعد الجنسي للهوية، وتحدّدها بالممارسة الجنسية بينما
هي أوسع من ذلك، كما يشار إلى التّوجه الجنسي المثلي بين النّساء بالسِّحاق Lesbianism، وهو مصطلح تصر تيارات نسوية على استعماله
لأنه يُضفي الخصوصية النّسائية في الوضعية المثلية بجانب كلمة Lesbian.. وهي الكلمة التي لا يوجد مرادف لها في
اللَّغة العربية، ويشاع استخدام كلمة سحاق، وهي
مصطلح خاص مُولَّد في الأساس، أطلق على إتيان النِّساء بعضهن البعض بدافع
الاستمتاع الجنسي، ويراد بها دَلْك وحك فَرج الأنثى بفرج أخرى فانْسَحَق: انْسَهَك
أو انْدَق.. وقد ذكر الرَّاغب الأصفهاني في المحاضرات
أنَّ أول من سنَّت السِّحاق عند العرب هي رقاش بنت الحسن اليمانية التي عشقت هند
بنت عامر زوجة النُّعمان بن المنذر ملك الحيرة، وكانتا تعيشان -في غياب النُّعمان-
كزوجٍ وزوجة وبلغ من شغف كلُّ واحدةٍ بالأخرى أنَّه لما ماتت ابنة الحسن اعتكفت
هند على قبرها حتى شاخت وعميت..، كلمة Lesbian
مشتقة من اسم الجزيرة اليونانية لِسبوس Lesbos،
حيث عاشت الشّاعرة اليونانية صافو Sappho
التي كتبت قصائد حب عن علاقاتها العاطفية مع النّساء اليونانيات في القرن السّادس
قبل الميلاد، غير أنَّ هناك من النّساء من يعترضن على هذه الكلمة أيضًا،
فالسِّحاقية تريد الجسد شهوةً فقط أما المثلية فهي علاقة روحية عميقة. العلاقة بين
السّحاقيات غالبًا ما تكون بين "البوتش" Butch
وهي التي تمتلك صفات ذكورية بالجسد والشّخصية و"الفيم" Femme وهي التي تتّصف بالأنوثة والنّعومة. تم
ملاحظة السّلوك المثلي في نحو ألف وخمسمائة نوع من أنواع الحيوانات، تراوحت من
الرّئيسات إلى الدُّود الشِّصِّي، وقد وُثِّقت هذه السّلوكيات في نحو خمسمائة نوع،
تتضمن التّزاوج، طقوس المغازلة، الارتباط الزّوجي وتربية النّسل.. يظهر هذا
السّلوك مثلًا في الإوز الأسود، وفي نسبة كبيرة من ذكور الزَّراف، كما يقوم كلُّ
من ذكور وإناث الشّمبانزي القزم بممارسة سلوكيات مثلية، ويُعد السّلوك المثلي في
حيوانات غير الإنسان دليلًا قاطعًا لدحض ادِّعاء أنَّ المثلية الجنسية مخالفة
للطّبيعة. جاءت حركات تحرّر المثليين الجنسيين في العصر الحديث على خلفية ثقافة
وأفكار الهيبيز Hippies في السّتينيات التي اعتنقها ملايين الشّباب
حول العالم، وأخذوا ينشرون
نظرية "الحب الحر" لتعبر عن قوة الحب وعدم خضوع العلاقات الجنسية لأي
قانون يحدِّدها، وعن جمال الجنس كجزء فطري من الحياة وبأنّه ظاهرة بيولوجية فطرية
لا يجب إنكارها أو كبتها..
ولهذا فإنّني أرى
بحيادية تامة أن كلمة مثلية دقيقة جدًا وفي محلها تمامًا.. بغض النّظر عن أي وجهات
نظر أخرى تخص حقوق المثليين، تقبُّلهم، رفضهم، أو التّعامل معهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق