10 أبريل 2013

(الجنرال).. السيد أنور



أعرَّفكم.. سلسلة هاكتب فيها عن أشخاص مهمين في حياتي.. وليهم دور وتأثير كبير على البني آدم اللي بقيت عليه دلوقتي.. كمان باتمنى يشاركني أصدقائي من الكُتَّاب والمدونين في السلسلة والكتابة هنا معايا عن أشخاص مهمين في حياتهم.
الحلقة الثانية: (الجنرال).. السيد أنور
------------------------------------------------------
والد الأستاذة ناريمان (مارو) السيد صاحبة مدونة قلب القطة


واللي بستسمحكم قبل قراءة الموضوع تقرأوله الفاتحة.
 
حالي دلوقتي غريب جدا على وشي إبتسامة بس عنيا كلها دموع مابقتش دموع حزن بقدر ماهي دموع افتقاد.

أيوة وحشتني يا أبويا yeees I miss dad.

مش عارفة الحقيقة ابتدي منين.. (السيد) أو اللورد زي ما كنا بنسمية وبنندهله في البيت وللا (أبس) أيون أبس ودا اسم جنزال إنجليزى كان شبه أبويا فأصحابه أطلقو عليه في سن ال16 اسم أبس.. اللورد كان شديد الوسامة والجمال وعلى قد دا كان شديد الرجولة وتحمل للمسؤليه بشكل يخوِّف.. لما اتولدت كان أبويا عنده 45 سنة يعني كان في عزه فى كل شيء ومن أول ما وعيت عالدنيا من سن 4 سنين وأنا بسمع في حواديت بس مش حواديت سندريلا ولا الشاطر حسن.. نووو أبسليوتلي :D دي حواديت عن الشاطر السيد..، عماتي الاتنين وعشقهم ليه حكايات عن إنه إزاي رغم عقليته اللي كانو بيعتبروها فزة (ودا أنا شوفته بعد كدا) صمِّم إنه ما يكملش تعليمة واكتفى بالثانوية العامة علشان يشتغل لأن جدي (أنور) كان عامل بسيط في شركة وحصلت له إصابة عمل وكان لازم يتكهن.. ودا بيت فيه 4 عيال غير جدتي (رحمة) ذات الأصول التركية واللي بستغرب برضه استحملت الحياة الصعبة دي إزاي والحال كان كل شوية بيضيق وهي بنت العائلة الكبيرة والكريمة وخصوصاً بعد خالها مانهب ورثها!.. المهم السيد علشان سيد ما كانش ينفع يعمل غير كدا ومن هنا إبتدى طريق حياته يختلف وياخد سكة تانية خالص وبدل ما يكمِّل جامعة (وهو كان نفسه يدرس حقوق) إنه يتطوَّع في الجيش كمجند علشان الفلوس طبعا وكانت البداية.
كالعادة هو لما بيعمل أي شيء بيعمله بإتقان لأنه دايماً عايز ينجح، كان مجند هايل ونتيجة حب رؤساؤه إدوله فرصة إنه ياخد فرقة صاعقة وطبعا وافق على الفور لأن برضه فيها فلوس أكتر والبنات إخواته بيعلمهم في مدارس فرنساوي.. فـ يللاااااااا.
كانت متعتي هي إني أقعد في حِجرة وأخواتي حاولينا ويفضل يحكلنا وإحنا بنتفرج على صوره في الطيارات وهو بالباراشوت وبيحكلنا عن الحواث اللي كانت بتحصل وإن صاحبه البارشوت ما فتحش به وإنه حاول يلحقه بس للأسف ما عرفش ولحد ما مات والواقعة دي مأثرة فيه جدا وهو بيحكي عن قد إيه الصعقة غيَّرت حياته وشخصيته والتدريبات وقسوتها وإنها فعلاً عملته راجل والحقيقة أبويا فعلاً البنى آدم الوحيد اللي شوفته ما بيخفش غير من ربنا بس.

من ضمن الحكاوي.. إنهم بيسيبو كلب أو جمل ميت لمده 10 أيام وفي التدريب يقولوله اجري يا وحششش.. هههههه.. والوحش يجري ويدب دماغه في بطن الجثة المعفنة! وإنه إزاى أكل فيران وتعابين، وسلخهم وإزاي طريقة سلخهم!.. وتدريبات النار طبعاً..، الجميل لما تبقى بتسمع دا وفي إيدك الشهادة بتحس إنه ماسك يقين فعلاً وطبعاً نتيجة تفوقه في الصاعقه إدوله فرقة مظلات وطبعاً فيها فلوس والبنات بتتعلم أحسن تعليم والبيت تمام وتيته وجدو طايرين بيه لحد ما أخدوه في حرب اليمن كل حاجة اتغيَّرت.. الرجولة بقى على أرض الواقع حكايات ما بتخلصش..، كان راجع معاه رجل غزالة اصطادها وخنجر الجيش بتاعه ودي كانت الذكرى الملموسه منها وركِّبهم هنا في ورشه واحد صاحبه وعمللُه خنجر في منتهى الروعة كل اللي بيشوفه بينبهر..؛ حكايات ما بتخلصش عن اليمن والعيشة في الجبال وأكل الكات أو الكاط وصاحبهم اللي ضرب نار حي من الخوف أثناء كمين ليلي عاملينه خلاهم يهجموا عليهم.. ههههههه.

رجع من حرب اليمن بفلوس كتير أنا كنت بسميها (تمن موته).. وقتها كان ابتدى يكره عبد الناصر اللي كان له أب من ساعة الثورة ما بدأت..، كانت كل ما تيجي السيرة يقوللي: أنا أفدي تراب مصر بعمري بس هُمَّة كمان عندهم رجالة.. أنا شوفت أصحابى بيندبحو قدام عيني علشان أرض مش أرضنا!..؛ المهم إنه بالفلوس دي البنات بتتعلم..، البنت الصغيرة دخلت المعلمات.. يا خبر بنت (رحمة) دخلت المعلمات وهتبقى مُدرسة، والبنت الكبيرة اتجوِّزت أحسن جوازة واتجهِّزت أحسن من أحسن عروسة في العيلة والمنطقة.. ربنا يخليك لينا يا سيد.

وكانت الكارثه 67 وهو راجع جري في الصحرا هو وأصحابه بعد أوامر الانسحاب العشوائي من المشير وقتها..، الجزء دا بالتحديد حسب كلام أمي (سميحة) فضل مأثر على أبويا ونومه سنين.. يفضل ينده بصوت عالي على أصحابه.. لما سألته في مرة وأنا خايفة يزعل كان نفسي أعرف بيشوف إيه.. هي جملة واحدة بس رد عليا بيها وسكت: "كل المشهد بيتكرَّر تاني وفي كل مرة بدفنهم بإيدي تاني".

أبويا رباني على 3 حاجات حطلهم الأساس.. أولهم كانت دي ويمكن هو ما قصدش التريب.. كُرهي للصهاينه وإن ليا عندهم تار ودم ماقدرش أنكر إن رغم التطور الطبيعي للحاجة الساقعة والفكر والشخصية إن الموضوع دا معايا زاد ما قلش..، علمني إن ربنا موجود ولازم دايماً يكون في بالي:  "خلي بالك مهما لقيتي نفسك غلطانة في الدنيا والدنيا سحباكي ما تسيبيش نفسك، خدي أول خطوة ترجعك ليه بسرعة..، إوعي تتردي أو تخافي منه..، ربنا بيحبنا وإحنا كمان لازم نحبه"..؛ رباني على حب الفن.. أي فن وكل فن.. كان رسَّام جمييل وليه تابلوه رائع في البيت عندنا..، زرع فيا الفن اللي بعد كدا هو عارض إني أكون فيه.

المهم بعد حرب 67 كان فيه 6 سنين استزاف واتاخد إحطياط في الجيش..، كان النصر اللي خلَّاه أكثر قوة وصلابة وعشق للسادات وكان دايماً يقوللي: "إن النصر يغفر للسادات أي شيء"، وطبعاً كان موافق على كامب ديفيد لأنه شاف بعينه الدبابات اللي نزِّلوها الأمريكان في سينا.

يمكن الحروب عملت من أبويا راجل صلب بس كان بيكرها وكرَّهني فيها الحقيقة أنا وإخواتي.. بس دايما كان يقول: "الحرب أو الكرامة يبئا الحرب على طول مافهاش كلام".

المهم أبويا كان اتجوِّز أمي وخلِّف إخواتى الاتنين الولاد اللي أكبر مني علاء الدين ووسام الدين واترستأ في وظيفة مُراجع حسابات قد الدنيا والبنات اتجوزو وأخوه اتفتحتله أحسن ورشه وابتدى حياته وتيتة (رحمة) راضية جداً.

اتولدت أنا سنة 78 أنا..، وأهلي بيقولولي كانت هتجرالُه حاجة من الفرحة لما شافك أول ما فتَّحتي عينيكي لقاها لبني لون السما قال: "دي ناريمان أمي"..، قعدت أمي تقولُه لاء دي مارو (اسم صديقتها اليونانيه اللي اتربِّت معاها في إسكندرية وهاجرت مع أهلها في أوائل الستينات)، وهو يقوللها لاء.. دي ناريمان.. هي الملكة ناريمان، وهي تقول عظيم يمين تلاتة مارو لحد ما تيتي قررت مارو وناريمان وكان فعلاً ناريمان ومارو..، سبب حبي الشديد لاسمي هو أبويا بالرغم إني طبعاً بحب اسم مارو جدااا.

عشت مع الراجل دا حياة غريبة رغم إن طبعه صعب جداااااا و(نِمَكِي) وعصبي، وقوي.. عمره ما ضربني إلا في مرات قليلة.. مرتين أو تلاتة.. مرة فيهم لمَّا كنت في سنة خمسة إبتدائي وفطرت علشان كنت بلعب مع أصحابي.. كانت علقة موت الحقيقة إلا إني فضلت أشكره بعدها كتير كل رمضان لحد ما مات، والمرة التانيه لمَّا كنت مصممة أقدم في مسابقة لشبيهات ميادة الحناوي علشان الوجوه الجديدة.. سبحان الله أكلت علقة قشطة بس برضه فضلت أشكره كتيير قوى بعدها.
 وعيت على الدنيا والراجل دا بيتحلف بيه وبأخلاقه، ورجولته ومواقفه مع الناس، وإن أي قعدة صُلح لازم تكون برئاسة (السيد أنور) وإن كلمته لازم تمشي على الكل مهما كانو وكنت بسمع أسامي ناس تقيلة قوي لحد ما في مرة كنت عند صاحبتي بنت الجيران وسألت عمو رضوان جارنا هو إشمعنى بابا يا عمو قال: "أبوكي كلمته سيف وعهد وحقاني.. لازم يا بنتي كلمته تمشي عالرقاب"..، لحد ما في مرة حصلت خناقة كبيرة قوووي في المنطقة عندنا.. أبويا القمر، الجنتل، الشيك اللي مسميينه حسين فهمي والستات بتستنى مواعيد دخوله وخروجه في البلكونات علشان تتفرج عليه.. حد تاني أول مرة أعرف قد إيه هو قوي فعلاً لدرجة إني خوفت منه.. كانت ناس بتحاول تتهجِّم على بيت عندنا بينهم مشاكل وجابولهم صِيَع وقتها ما كوناش بنسمع لفظ بلطجية.. وكان واجب الجيران إنهم يحمو جيرانهم وكان على راسهم أبويا.. أنا شوفتهم بيجرو قدامه رجالة زي البيبان والناس بتهتف باسمه.. ههههه.. حاجات كدا زي بتاعة الأفلام والله.

أوِّل واحد صليت وراه كان أبويا، وهو أوِّل واحد علمني القرآن، وأوِّل واحد قعد واتكلم معايا في نفسي إيه..، أبويا كان دايما كان يلبِّسني وياخدني نروح السينما أو نتمشى على البحر ونقعد في مكان شيك كانو صحابتي كل ما يشفوه يتَنَحُوا :D هو اللي حبِّبني في السينما.. كان نفسي أدرسها علشانه بس طبعا ما رديش.. هو اللي عرَّفني المزيكا، والفِرَق اللي بتغنى، البيتلز، والبيبي جيز،عرَّفني ألفيس بريسلي وكلارك جيبل وإليزابث تايلور وجيمس دين وهنفرى بوجر وريتشارد بيرتون.. كتييير كانت مُتعتي القعدة معاه وإحنا بنتفرج ويقوللي دا فلان ودا علان.. كانت مُتعتي كل ما أحفظ سورة قرآن كريم ويكافئني.

 وعيت على الراجل دا بيصلي كتير قوي، غير الخمس صلوات.. عرفت إنها كلها رجعات شكر لله..، وعيت عليه بيختم القرآن كتير قوي.. كان دايما يقوللي: "كل ما كان البني آدم جميل الصورة والخلقة ويسجد بوشه لربه في الأرض.. ربنا يرفعُه ليه ويقربُه".

(السيد) و(سميحة).. (سونة) :D .. الاتنين كانو بيدلعوا بعض بسونة..، وعيت على الدنيا والست دي بتحب الراجل دا قوي..، استنته لمِّا راح حرب اليمن واستنته لما راح 67.. اتجوزو وراح الاستنزاف وهي قاعدة..؛ هي شبه فاتن حمامة خرطة منها شكل وهيئة.. فكان العرسان بالهبل، وكل ما كان حد يجيلها وهي مخطوباله تقوللهم: "حد يبقى معاه القمر ويبص للطوب.. هههههههههه.. وطبعاً نتيجة إنه قمررر استحملت سخافة ستات الدنيا ومحاولاتهم المستمية لخطفه.. افتكر بابا وهو بيحكي على علقة سُخنة رزعتها لواحدة حاولت تكلمه في مناسبة مرتين ورا بعد وكانت النتيجة إنها اتجابت من شعرها.. ههههههه.. (سونا) أمي ربتنا إحنا الأربعة على إن السيد إله في البيت لازم يُحترَم وخصوصاً وهو نايم.. ترمي الإبرة ما ترنش.. ويتخاف منه طبعا.. بس إحنا كنا بنحبه ونحترمه أكتر من الخوف بالرغم إنه كان مرعب في زعله حد العمى..؛ أمي كانت ربة بيت ناجحة وقوية بتعمل حساب لأبويا حتى في شغلها.. كل الناس عارفة كويس قوي مين (السيد أنور).. بتتعامل مع كل الناس وزملائها على إنه موجود معاها في كل وقت ودا كنا بنشوفه مع مقابلات أبويا بزملائها في أي مناسبة إن كانت.

 أنا فخورة بالست دي حد الفحتتتت :D..، ياريتني كنت رُبعها.. سميحة فضلت شايلة اللورد على راسها وخصوصا آخر سنة ونص كأنها رافضة إنه يروح منها.. فاكرة شكلها كويس وهي حاطه راسه على صدرها وهو في الغيبوبه وبتكلمه: "حبيبي يا سونه فوق بقى.. انت وحشتني".. ولو فاق ونده عليها ما تردش غير بـ "أيوة يا حبيبي"..، حتى قبل وفاته بلحظات فاق علشان يقول اسمها بس ويقابل وجه رب كريم :(

وفاته كانت صدمة حتى بعد ما تعب فترة..؛ موقفين عمري ماهنساهم لأبويا من ضمن مواقف كتير.. مرة كان مسافر بورسعيد عند أهل أمي وعادي أنا راجعة من المدرسة وعلى باب البيت سمعت صوته بينادي ماااااااااارو طلعت جري عالشارع ما لقتهوش دخلت البيت وحكيت لماما قالتلي إنه هييجي بكرة، مافيش ساعة لقينا الباب بيخبط بنفتح لقيناه هو.. ماما حكتله قاللها: "أنا في التوقيت دا كنت في سيدي جابر لسه وواقف على المحطة بقول مارو وحشتيني قوي..، الموقف التاني لمَّا كان في غيبوبة وفاق وأنا بس جنبه فضلت أبوس في إيده وأقوله يا حبيبي.. انت حبيبي.. ابتسم وبصللي وقاللي: "بتعيطي ليه وشاورلي على إيده وقاللي كل واحد له وقت وأنا وقتي خلاص"..؛ وعنيه دمَّعِت وقاللي: "ما تخليش الدنيا تضحك عليكي وتسرقك خلي بالك يامارو".

 أنا مش عارفة كتبت إيه!.. أنا كتب اللي قدرت أكتبة وطبعاً مش هقراه لأني مش قادرة وتعبت بس كتبت لسببين أو تلاتة مش فاكرة.. أولاً: إن يمكن دا يكون تأريخ ولو بسيط لأبويا..؛ ثانياً: لأنكم أكيد هتدعوله بالرحمة وتدعولي أنا بالصبر بالرغم من وفاته من 7 سنين.. بس أنا بتحاشى الكلام عنه لأني كل مرة بحس إنه لسه ميت دلوقتي..؛ السبب التالت لأني بعز أخويا ضيا عزت ودا طلبه أكتر من مرة.

أبويا ما كانش علامة في حياتي.. أنا بس أبويا كان ولازال علامة في حياة كل اللي عرفوه؛ أمي العظيمة اللي اختارها إنها تكون أمي، وإخواتي اللي عمل منهم رجاله زي الفل بشقا وسابللهم سُمعة أحلى من الألماظ نفسي أزوره.. من يوم مات ما زورتهوش لأني بصراحة أضعف من إني أقف الموقف دا..؛ أبويا أنا مهما كتبت مش هاوفِّيك حقك والكلام المكتوب دا ما يجيش شيء في الحقيقة.

شكراً إن (سميحة) أمي، وشكراً إنك كنت ليا ضهر وسند وإني لسة عايشة على حسك وسمعتك..، أبويا أنا ببقى أسعد واحدة في الدنيا لما حد بيشوفني ويقوللي انتي كلك (السيد)..

 رجاءاً.. ادعو للورد كتير قوي..
 صدقوني والله هو يستاهل :)


ملحوظة رفيعة: مارو بعد كل الكلام الجميل دا لقيتها بتقوللي.. على فكرة اللي كتباه دا وحش جدا ومش عاجبني وصدقني يا ضيا مش هاعرف أكتب.

على فكرة يا مارو كتبتي حلو جدا بجد.. كفاية الصدق والعفوية والإحساس العالي اللي بين سطورك..
ربنا يرحمه ويجعل مثواه الجنة ويخليلك سميحة وكل حبايبك..، ويارب تكون آخر أحزانك.


الموضوع على مدونة قلب القطة هنا

9 أبريل 2013

الأولياء والكرامة جـ 3

خامساً: ثبوت الكرامة لبعض الصحابة رضي الله عنهم:

أولاً: تكثير الطعام لأبي بكر رضي الله عنه:
حدثنا أبوالنعمان، قال: حدثنا معتمر بن سليمان، قال: حدثنا أبي، حدثنا أبوعثمان عن عبدالرحمن بن أبي بكر، أن أصحاب الصفة كانوا أناسا فقراء وأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: "من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث وإن أربع فخامس أو سادس" وأن أبا بكر جاء بثلاثة فانطلق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعشرة قال: فهو أنا وأبي وأمي فلا أدري قال: وامرأتي وخادم بيننا وبين بيت أبي بكر وإن أبا بكر تعشى عند النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم لبث حيث صليت العشاء ثم رجع فلبث حتى تعشى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فجاء بعد ما مضى من الليل ما شاء الله، قالت له امرأته: وما حبسك عن أضيافك أو قالت ضيفك؟ قال: أوما عشيتيهم؟ قالت: أبوا حتى تجيء قد عرضوا فأبوا، قال: فذهبت أنا فاختبأت فقال: يا غنثر فجدع وسب وقال: كلوا لا هنيئا، فقال: والله لا أطعمه أبدا، وأيم الله ما كنا نأخذ من لقمة إلا ربا من أسفلها أكثر منها، قال: يعني حتى شبعوا وصارت أكثر مما كانت قبل ذلك، فنظر إليها أبوبكر فإذا هي كما هي أو أكثر منها، فقال لامرأته: يا أخت بني فراس ما هذا؟ قالت: لا وقُرة عيني لهي الآن أكثر منها قبل ذلك بثلاث مرات، فأكل منها أبوبكر وقال: إنما كان ذلك من الشيطان _يعني يمينه_ ثم أكل منها لقمة ثم حملها إلى النبي صلى الله عليه وعلى وسلم فأصبحت عنده، وكان بيننا وبين قوم عقد فمضى الأجل ففرقنا اثنا عشر رجلاً مع كل رجل منهم أناس الله أعلم كم مع كل رجل فأكلوا منها أجمعون، أو كما قال. وفي رواية: فحلف أبوبكر لا يطعمه، فحلفت المرأة لا تطعمه، فحلف الأضياف إن لا يطعموا حتى يطعمه، فقال أبوبكر: هذا من الشيطان، فدعا بالطعام فأكل وأكلوا، فجعلوا لا يرفعون لقمة إلا ربت من أصلها أكثر منها. وفي رواية: فجاء به فوضع يده فقال: بسم الله فأكل وأكلوا.
 أخرجه البخاري برقم (6141.3581.602)، ومسلم رقم (2057) في الأشربة باب إكرام الضيف.
ثانياً: كرامة أسيد بن حضير وعبَّاد بن بشر رضي الله عنهما:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه "أن أسيد بن حضير وعبَّاد بن بشر تحدثا عند النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة لهما، حتى ذهب من الليل ساعة في ليلة شديدة الظلمة، ثم خرجا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقلبان، وبيد كل واحد منهما عُصَيَّة، فأضاءت عصا أحدهما لهما حتى مشيا في ضوئها، حتى إذا افترقت بهما الطريق أضاءت للآخر عصاه، فمشى كل واحد منهما في ضوء عصاه، حتى بلغ أهله". رواه البخاري.
 ثالثاً: كرامة سَفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم:
عن ابن المنكدر: "أن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطأ الجيش بأرض الروم، أو أسر فانطلق هارباً يلتمس الجيش فإذا هو بالأسد، فقال: يا أبا الحارث، أنا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان من أمري كيت وكيت، فأقبل الأسد له بصبصة حتى قام إلى جنبه، كلما سمع صوتاً أهوى إليه، ثم أقبل يمشي إلى جنبه حتى بلغ الجيش، ثم رجع الأسد". رواه الحاكم. وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
رابعاً: كرامة عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
عن ابن عمر رضي الله عنهما: "أن عمر بعث جيشاً، وأَقَّرَ عليهم رجلاً يدعى سارية، فبينما عمر يخطب، فجعل يصيح: يا ساريةُ الجبلَ! فقدم رسول من الجيش، فقال: يا أمير المؤمنين لقينا عدونا فهزمونا، فإذا بصائح يصيح: يا ساريةُ الجبلَ، فأسندنا ظهورنا إلى الجبل، فهزمهم الله تعالى". رواه البيهقي في دلائل النبوة ورواه ابن عساكر وغيره بإسناد حسن.
خامساً: كرامة علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
ورد أنَّ علياً رضي الله عنه حدَّث بحديث، فكذبه رجلٌ، فقال عليٌّ: أدعو عليك إن كنت كاذباً؟ فقال: ادْعُ، فدعا عليه، فلم يبرح حتى ذهب بصره. رواه الطبراني في الأوسط.

كنت أنوي أن أنهي الموضوع في ثلاثة أجزاء ولكن يبدو أنه يحتاج إلى جزءٍ آخر..
يتبع بالجزء الرابع إن شاء الله.


Translate