18 سبتمبر 2013

ندمان يا قلبي؟

غناء: طارق جمعة
لحن: أحمد ضياء
وكلماتي *_*
-------------------

ندمان يا قلبي؟.. اندم كمان
عيش حياتك كدا ندمان
تاية وحيد بين الدروب مش لاقي أبدا أمان
دوق آهاتك.. عاللي فاتك.. على كل شيء ويَّاه زمان

كان عايش بين إيديك
دايبة روحه فيك
كان عنده حلم واحد
يعيش أيامه ليك

بعت اللي كان.. إخلاصه هان
فقت بس فات الآوان

تشتاق يا قلبي قوللي ليه
مانت ياما عملت فيه
سيبه لحياته وروح بعيد.. مالكش فيها خلاص مكان


17 سبتمبر 2013

Review: لحظات تأمل


لحظات تأمل
لحظات تأمل by مروه زهران

My rating: 3 of 5 stars



أفضل ما يمكننا البدء به لعرض الكتاب هو اقتباس مقدمة الكاتبة نفسها التي شبَّهت فيها مراحل الحياة بمحطات فتقول: "أنقى وأطهر المحطات هي محطة الطفولة.. نتذكرها دائمًا ويأخذنا الحنين إليها.. ونتمنى أن نعود إليها.
أروع المحطات هي محطة الصداقة.. بها تشعر أنك وجدت نفسك وإلتقيت بها.. نلجأ إليها دائمًاً عندما تجرحنا باقي المحطات.. ونتمنى أن ترافقنا دائمًا.
أعذب وأحب المحطات إلى قلوبنا هي محطة الحب.. محطة توحد القلوب وتآلف الأرواح.. نحلم بها من بداية الرحلة، ونتمنى أن يصل إليها القطار سريعًا.
أقسى المحطات وأمرها على قلوبنا هي حطة الغدر و الخيانة.. بها تتساقط الأقنعة وينتهي سحر الكلمات فتُصدمنا الحقيقة ويُبكينا الواقع.. تُعلمنا دروس قاسية، وأحيانًا تجعلنا نفقد الثقة ونتعامل بحذر مع من نقابلهم في رحلة الحياة.
أصعب المحطات وأشدها ألمًا هي محطة الفراق و الوداع.. بها نفقد صديق أو نودع شخص عزيز علينا ويصبح ذكرى نشتاق لها وتؤلمنا.. نعلم جيدًا أننا سنمر بها، ولكننا نتمنى ألا نمر بها أبدًا.. أو يحدث عطل في أجهزة القطار ونصل إليها متأخرين."
ثم تقول: "الرحلة مستمرة دون توقف مهما اختلف اسم المحطة التي سنمر بها، ومهما حدث من مفاجآت وأحداث وتأثرنا بها، ومهما اختلف الجالسون بجانبنا واختلفت مشاعرنا تجاههم، ومهما حاولنا أن نوقف القطار عند محطة معينة، أو انتظرنا بشوق ولهفة المحطة المقبلة، أو تمنينا أن يعود بنا القطار إلى محطةٍ ما، مهما حدث ستظل الرحلة مستمرة إلى خط النهاية."
لا ترى الكاتبة في نفسها كاتبة محترفة، وإنما هي عاشقة للقراءة، رزقها ربنا بعقل تفكر به وقلب تحس به، وخيال.. هو عالمها المفضل، هذا بالإضافة لكونها (التلميذة الكسلانة صـ 15) لقلم فيلسوف مشاغب، هو من أقنعها بالإقدام على مغامرة الكتابة، بشرط أن تكتب كلمات خارجة من القلب وإلا سيتركها ويرحل ليستخدمه كاتب مشهور كأحمد صالح أو ضياء عزت، وبالرغم من كونه جمادًا إلا أنه يتصف بالعديد من المميزات التي لا توجد في أي قلم آخر، فهو شاطر وذكي ومثقف (يستخدم جمل مقتبسة لكبار الأدباء)، وسريع وخطه حلو، وعنيد وجريء، عنده الاستعداد للتضحيه بحبره ووقته ومجهوده من أجل صاحبته التي تراه متهورًا مغرورًا.
تبدأ أولى محطات الرحلة بمحطة (الأحلام الوردية صـ 17) التي تعبر عن أمنياتنا وتقاصيلنا الدقيقة جدًا، أحيانًا يقبلها الواقع، وأحيانًا أخرى يرفضها، ولكنها تظل دائمًا الباب الخلفي للهروب من قسوة الواقع.
ثم نمر بمحطة الطفولة ببراءتها وشقاوتها، عبر خاطرتين هما (صغيرتي صـ 21) و(طفلتي الصغيرة صـ 22)، وإن كنا سنشعر بحنين مروة للطفولة في معظم خواطر الكتاب.
وفي محطة الحب، تبدأ مروة بالعزف لنا "أجمل وأرق الألحان"، لحن الأحلام الأسطوري، الشاعري، لحن الأمل والفرح والحياة، (لحن الحب صـ 21).. تقول مروة: "لحن الحب هو لحن الاحتواء والأمان، يحتوي حيرتي وغربتي عن نفسي وعن عالمي، يضمني، يحميني كطفلته الصغيرة".
"لحن الحب هو لحن الأمل، به أحطِّم قيود الخوف وأسوار المستحيل".
"لحن الحب هو لحن الحياة، هو قدري وبه تكتمل حياتي وأحلامي وعالمي، ومعه اكون أسعد عاشقة وزوجة وحبيبة وطفلة وصديقة وأم بالعالم."
"لا تسألوني كيف تركته على أوتار قلبي، فهو من اعاد إليّ الإلهام، وأطلق لخيالي العنان، ليكتب قصائد بأحلام وردية ويخلدها كأسطورة للعشق الأبدي."
ثم تطرح مروة سؤالًا معتادًا لكل (بنوتة) عن فارس الأحلام (من تكون؟ صـ 30) فتقول: "متى ستأتي؟.. ألا تعلم كم امتلئت دفاتري بخواطري عنك؟".. "لا تضيع الوقت، فأمامنا الكثير لنفعله معًا، اطمئن، لا أريدك أن تاتي بحصان أبيض، أو تكون الأمير الوسيم، (لكن مفيش مانع تحارب شوية عشان خاطري)، ولا أريد قصتنا أن تكون قصة خيالية، فقصة حبنا سنكتبها معًا".. تؤمن مروة أن الحب حنان ومودة ورحمة، وعلى فارسها أن يكون أميرًا حقيقيًا، والأمير الحقيقي عندها هو: "اللي هيحبها، هيحافظ عليها ويراعي ربنا فيها، حضنه هيكون ليها الحنان والأمان، وقلبه هيكون ليها السكن والمودة والرحمة، وقتها هتحبه زي ما هو؛ لأنها هتحبه وتشوفه بقلبها، بعين الحب، حتى لو مفيش حصان أبيض، ولا هو الأمير الوسيم، المهم يعيشو أجمل قصة حب.
تكون في عينه أجمل وأرق من سندريللا، ويهديها قلبه ليكون مملكتها وهي الملكة المتوجة على عرشه".
ثم تأخذنا لنجلس مع صديقها الوفي، البحر الذي تسأله عن حبيبها فيواسيها ثم تعود هي لتواسيه!.. تقول له في (عاشق البحر صـ 35): "أبوح لك بما في قلبي.. فتستمع إليّ بدون ملل أو تذمر".. "فأنت تعرف من أنا".
ثم تفتح لنا قلبها لتخبرنا عن هذا الفارس الذي يستحقها، أما سواه، فعذرًا قلبها ليس له في (عذرًا.. قلبي ليس لك صـ 39) ولكي يستحقها يجب أن يكون مؤمنًا بالحب الصادق.. "فالحب الصادق هو الوحيد الذي يملك المفتاح، ولكن الحب الزائف يحاول دائمًا أن يتسلق الأسوار المرتفعة حتى يصل إلى المدينة الجميلة، فيسرق ويستنزف كل مشاعرها وأحاسيسها الرقيقة، ويتركها بعد أن يشوه جمالها."
وأن يكون قادرًا على تحقيق أحلامها الكبيرة في الحب، فهي تريد حبًا واضح المعالم والنهايات وليس مجرد
تسلية.. "حبًا يزينه صدق النوايا، وليس حبًا يحيرني ويجهد تفكيري ويثير قلقي وشكي، حبًا يحتويني ويحميني، وليس حبًا يرهقني، حبًا أثق في وجوده واستمراره ضد العواصف والأزمات، وليس حبًا أبكي على أطلاله."
"فقلبي يتوق للحب، ولكن الحب الذي يكون فيه الحبيب هو الزوج".
ثم تبوح لنا مروة بأسرار تلك الطفلة الشقية وأسرار حبيبها، والتي حققت حلمًا من أحلامها وهو الكتابة عن قصة حبهما في (حكاية حب وعشق أبدي صـ 42)، فكتبت تقول: "أنت من منحني الحب، وجعلتني أعشقك ولا أنساك، سأمسك يدك وأتشبث بها، ولن أتركها".. "من كان يقرأ حيرتي وأفكاري، ويفهم صمتي قبل كلماتي.".. " وأنك أنت حبيبي أروع وأحن وأصدق رجل بالعالم".
قبل أن نكمل رحلتنا يجب هنا أن نسجل ملاحظة وهي أن كتاب لحظات تأمل سيبدو لمن يقرأه أنه تم تقسيمه لجزأين (أغلب الظن أنه ترتيب مقصود للخواطر أرادته الكاتبة، وهو مما يحسب لها)، الجزء الأول يضم اللحظات (المحطات) السعيدة، وهو ما عرضناه، أمَّا الجزء الثاني فيضم لحظات الحزن والانكسار والجرح والضعف، على النحو الذي سنتعرض له فيما يلي.
تعبر بنا مروة الشاطئ الآخر من الحياة، وتمضي بنا عبر خواطرها إلى محطات الحزن والألم، وتبدأ رحلتها بخاطرة (انكسارات صـ 51)، تقول: "إحساس مؤلم عندما تفضل إخفاء أحاسيسك ومشاعرك الحقيقية خلف أقنعة مزيفة، عندما تهرب من خوفك وضعفك خلف قناع من القوة، عندا تخفي الحيرة والتشتت الذي يكسو ملامحك خلف قناع من الهدوء والصمت، فتصطنع الهدوء وتعتصم بالصمت عندما تجد كلماتك عاجزة عن التعبير عما بداخلك، عندما تخفي حزنك وألمك خلف قناع من المرح، فترسم الابتسامة المزيفة على وجهك، لتُطمئِن من حولك انك بخير.
والأكثر ألمًا عندما تحاول بشتى الطرق إثبات أنك سعيد، فتخذلك دموعك وتسقط، تخونك وتنساب على الرغم من وعدها لك أنها لن تظهر ألمك، وتعرضك لأسئلة تهرب من الإجابة عليها خلف هذه الأقنعة المزيفة."
وفي (حيرة صـ 52) تقول: "في زحمة الحياة نضيع أنفسنا، وعندما نفتقدها نبعد عنها، فنجدها في دوامة وصراع مع الأفكار المشتتة والأسئلة الحائرة، معلقة بين عالمين مختلفين: عالم تتمنى أن تكون فيه بروحك وقلبك وعقلك وكل كيانك زتستمتع بكل تفاصيله،.. وعالم تشعر فيه بالغربة والوحدة".
وعن الـ (جرح صـ 53) تقول: "مؤلم أن يكون جرحك ممن أحببت، والأكثر ألمًا أنك مازلت تحبه وهو مازال يجدد جرحك ويؤلمك أكثر!"
ثم تصل بنا مروة إلى محطة الذكريات، وتخبرنا كيف لها أن تتآمر علينا في (مؤامرة الذكريات صـ 54)، وكيف استسلمت هي لها، تقول: "لا أستطيع الهروب منك، كلما حاولت الهرب، أهرب منك إليك، حسنًا، سوف أتآمر معك على قلبي وعقلي."
ثم تحكي لنا عن الطفلة التي تغيَّرت، وابتسم لها القمر رغم اليأس في (وجه يتسم رغم اليأس صـ 60).
وهي عندما تحكي عن تلك الطفلة فكأنما تحكي عنا جميعًا، فمن منا لم يشعر بمثلهذا الإحساس يومًا؟.. تقول:
"أكثر ما يؤلمنا هو أننا عندما كنا أطفالًا كانت لنا أحلام نتمنى تحقيقها، وكنا نراها مثل قوس قزح بألوانه الجميلة الرائعة، ولكن عندما نكبر، تصطدم أحلامنا بجدار من الواقع، فتتحطم وتتلاشى أمامنا، فتصدمنا الحقيقة ويبكينا الواقع، ولكن الأكثر ألمًا أننا عندما نفقد أحلامنا نفقد أنفسنا معها، وعندما نشعر الضياع والغربة والبرودة نفقدها، فنحث عنها لنتواءم ونتصالح معها ولكننا لا نعرفها، نجدها تغيَّرت كثيرًا، لم تعد كما كانت، فلا تدري ماذا تفعل!
أتمنع دمعة ألم من السقوط أم تظهر ابتسامة يغلفها الحزن؟!"
محطة الفراق..  هي محطتنا التالية.. بمجرد وصولنا إلى خاطرة (نظرة وداع صـ 64) سنشعر بقسوة ومرارة هذا الإحساس فـ "عندما تأتي لحظة الوداع الأبدي فإن عقولنا لا تستوعب غياب من أحببنا عن عالمنا، ترفض تصديق أننا لن نراه مرةً أخرى، فنشعر أن كل شيء حولنا توقف عند هذه اللحظة، الحياة والزمن، وأننا انتهينا وانكسرنا ولم نعد ولن نعد كما كنا، فنبحث عن أحدٍ لنتهمه أنه السبب في عذابنا وألمنا وسرقة سعادتنا وأحلامنا، ولا نجد غير القدر والحياة، فنتهمهما بأنهما انتزعا جذور الأمان من تربة حياتنا، ونقذفهما بالكثير من الاتهامات كأنهما من أعدائنا، وأحيانًا نتوعدهما أنهما لو كانا بشرًا لقتلناهما وانتقمنا منهما."
ولكن هناك جانب آخر للفراق، فعندما يكون قدر الحب الحقيقي ألا يكتمل، ويتفق العاشقان على الفراق كي يعش حبهما، ويصبح أسطورة يتحاكى عنها الجميع، حتى وإن تكتمل تلك الأسطورة، فحينها بالتأكيد يكون الفراق مختلفًا، وهذا بالظبط ما نلمسه في خاطرة (أسطورة لم تكتمل صـ 106).. تقول: "افترقنا لنحيي حبنا! لنجعله يتنفس، لنترك له فرصة للحياة ونجعل من قصة حبنا أسطورة لم تكتمل."
في عدة محطات لاحقة تطرح مروة عدة تساؤلات، وتقوم بالإجابة عليها، ففي (لم نعد كما كنا صـ 74) تجيب على سؤال (كيف تتسلل الصداقة إلى منطقة الحب المحظورة؟) ولماذا ترفضه حينها، تقول: " لأنك أحبتني تزايد خوفي وضعفي، فأنت تعلم ان منطقة ضعفي هي عالم الحب، تعلم أنني اخشاه، والآن أخشى حبك لي، كنت تعلم وتدرك كل هذا، ولكن الحب جعلك تتجاهله، الحب جعلك كطفل عنيد، يحبو تديجيًا إلى منطقة محظورة.
أرجو ان تفهمني، مشاعي وأفكاري مشتتة متعبة، لقد اكتفيت بصداقتك ولكنك لم تكتفِ بها، ولم تتركني أحميك وأحمي نفسي بها."
"لا أريدك أن تتألم، فأنت في حياتي أغلى من أن ألقي بك في دوامة من الصراع، صراع مع خوفي وضعفي وحيرتي.
وداعًا يا صديقي."
وفي خاطرة (يا من كنت حبيبي صـ 82) تجيب على سؤال (هل يقبل الحبيب بعودة حبيبته التي هجرته مرة أخرى، أم سيرفض؟)
هل يقتل الخوف الحب؟.. كيف؟.. هذا ما سنعرفه في (سامحني يا من أحببتني بلا تردد صـ 85).
تصف مروة هذا الإحساس بعباة من أجمل ما يكون.. تقول: "أحببتني بصدق ولكنني أصبحت أسيرة الخوف، فأحببتك بصمت."
"لقد أحببت فتاة.. تخشى النهاية ولا تتجرأ على البداية."
وفي محطة الحزن تخبرنا كيف نكون متعلقين بالحزن، أو يكون الحزن متعلقًا بنا، ونجدها قد تغلغلت في نفوسنا لتخبرنا عن الحزن الذي يصبح عنوانًا للحياة في (عنوان حياتي صـ 79).. تقول: "أحيانًا تتمنى الهروب من نفسك، من أفكارك، من صمتك، من وحدتك، من ألمك، من كل شيء يؤرقك ويجعلك تعاني، فتبدأ الهروب من الحزن الذي أعتدت عليه وتعايشت معه، تخبره أنك دائمًا كنت لطيفًا معه، فتقول له: إنك استضفته وأكرمته وتركته يتحكم بحياتك، ولكن استضافتك له طالت، وتتمنى بكل أسف أن يرحل، وتبدأ في توديعه، ولكنه بكل وقاحة يرفض! فتضطر أن تتخلى عن لطافتك، وتقول له: إنك مللت منه وسئمت الحياة معه، ولكنه أيضًا لا يتأثر، فتقرر أن ترحل أنت وتترك له المكان، فتجده متعلقًا بك!
أيتعلق الحزن بنا عندما نرحل؟! ألهذه الدرجة أصبح قريبًا منا؟!"
وتتعجب من جرأة الحزن واقتحامه لحياتنا فتقول: "أيها الحزن، من أين أتيت بكل هه الجرأة؟! من سمح لك أن تكون عنوانًا لحياتي؟! كيف تجرأت أن تقتحم حياتي وتجعلني أعاني؟! من سمح لك أن تعبث بأحلامي وتقتلها؟ ألم تجد غير قلبي لتسكن وتستوطن فيه؟"
وكيف حوَّلها إلى "فتاة مستسلمة لك، تكتفي بمراقبة حياتها من بعيد".
ثم تنتقل بنا مروة إلى محطة الجرح في (جرح القلب صـ 89) وفيها تعمقت مروة وأبدعت وهي تصف بدقة شديدة وإحساس كبير كيف تشعر الأنثى حال طعن قلبها بخنجر الخيانة، فها هو الحبيب يعد ولا يفي، تقول: "ولكنك لم تفِ بوعودك! وعدتني أنني لن أتألم، وبيدك حفرت حروف الألم بقسوة على جدران قلبي، وعدتني أن عيوني لن تبكي، وكنت أنت سبب بكائها، وعدتني أنك ستعيش من أجلي ولن تتركني وحيدة، وتركت يدي التي تمسَّكت بك في منتصف الطريق، تركتني حائرة لا أستطيع الرجوع للبداية ولا أعرف طريق النهاية".
هذا عن جرح الخيانة، أمَّا عن جرح الخذلان وهدم جسر الثقة الذي يدمي القلوب، فنجد مروة قد وضعته تحت مجهر تأملاتها (بما أنها خريجة كلية العلوم بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف) في خاطرة (عرض مرفوض صـ 112).. تقول: "ألست انت من قال لي يومًا: أحبك؟ هل توقف حبك لي فجأة عند هذا الحد؟! هل مات حبك لي فجأة بالسكتة القلبية؟! أنسيت أنك وعدتني أنك لن تجعل قلبي يتألم؟ أتجعلني ملكة على عرش قلبك، ثم تريدني أن اكون أحد وزرائك المخلصين؟!"
نلاحظ هنا أن مروة ترفض عرضًا من حبيبها بعودة سفينة الحب إلى مرفأ الصداقة، كما قد رفضت سابقًا في خاطرة (لم نعد كما كنا صـ 74) أن يتحول صديقها إلى حبيب، كما أشرنا.. ومن يقرأ الخاطرتين لن يجد هناك تعارضًا أو تناقضًا في شخصية الكاتبة، أو في تأملاتها وإنما كل ما هنالك أن كلا الرفضين له أسبابه المنطقية التي تبرره.
الحب المغرور.. تعبير مدهش جديد، ربما لأول مرة يتم استخدامه
بالطريقة التي عبَّرت به مروة عن جبروت الحب، ووقوعنا تحت سيطرته مهما تمرَّدنا، وبخيالٍ رائع تأخذنا مروة إلى محاكمة القلب المتمرد للحب المغرور وللقلوب المتهورة التي صدقته وركبت سفينته الساحرة، في خاطرة (القلب المتمرِّد والحب المغرور صـ 98).. تقول على لسان القلب المتمرِّد أثناء المحاكمة: "تخدعهم بسعادة مؤقتة، فيصبحون مثل الطيور يحلِّقون في السماء بسعادة وفرح، وعندما يطمئنون لك، فتفاجئهم بعواصف قاسية، فتنكسر أجنحتهم ويسقطون جرحى في هاوية الألم، ولا تتركهم حتى تكمل مهمتك بزلزال يدفنهم تحت الأرض مع الأموات، فأنت مثل النجوم الساطعة في السماء تنير حياتهم بالسعادة والأمل، وبعد وقت قليل تنطفئ بخيبة الأمل واليأس.
تولد في قلوبهم بلا مقدمات وتجعلهم يحيون بك، وتموت في لحظة دون انتظار."
ولكن الحب المغرور يدافع عن نفسه قائلًا: "أنا أولد في قلوبهم مثل الطفل الصغير، هزيل ضعيف، أحتاج من يرعاني حتى أنمو وأشعرهم بالسعادة الأبدية، ولكنهم يظلمونني ويزيدون من ضعفي بتصرفاتهم وحماقتهم وصراعتهم التي ليس لها مبرر، ويتسببون بموتي.. هم ليسوا شهداء الغرام، هم يتألمون فقط، ولكن أنا من أموت، أنا الضحية".
شارفت هذه الرحلة الممتعة على الانتهاء، فها نحن نقف في آخر المحطات، محطة البحث عن النفس، عبر حوار مع الذات، قد تجدها، وقد تختلف معها، وفد تجد تناقضات عديدة، المهم في كل الأحوال أن تحب نفسك، وتصالحها، وتجيد التعامل معها، وقد اختارت مروة، بل وأصرت ان تظل كما هي، بكل مميزاتها وعيوبها وتناقضاتها.. (سأظل كما أنا صـ 119)، تقول: "سأظل كما أنا متناقضة في كل شيء؛ جريئة خجولة، واضحة غامضة، متمردة مسالمة، عنيدة مرنة، بريئة مشاغبة، حالمة واقعية، حنونة قاسية."
وأن تبقى مجرد فتاة "دموعها ليست نادرة ولكنها غالية".
تتكلم "بلغة غريبة صعبة" ولكن من يحبها "يستطيع أن يتعلمها".
تنهي مروة الرحلة –كما بدأتها- مع خربشات قلمها، الذي اعترفت أخيرًا أنه صديقها الوفي..، ولكن لحظات التأمل ستظل تتجدد بالتأكيد طالما في العمر بقية، وهذا ما يجعلنا ننتظر من مروة جزءًا -أو ربما أجزاءًا- آخرًا لها.
ثم تستضيف مروة "ضيف لطيف له أثر كبير في حياتنا" بناءًا على رغبة الكثير من الشباب في برنامج (لحظة صدق صـ 129)، أدعوكم لقراءته وعدم تفويته.
ملاحظات أخيرة..
*وجدت بين طيات هذا الكتاب ما هو أكثر من لحظات التأمل، فهو يحمل كذلك لحظات تمني.. أمنيات (بنوتة) في مقتبل العمر، تحلم بحب حقيقي صادق ولقاء فارس الأحلام، وزوج متفهم يكون طفلها الشقي وتوأم روحها، وتحلم كذلك بالأمومة.
*حنين مروة للطفولة يبدو واضحًا في كل خواطر الكتاب تقريبًا.
*تميل مروة للنهايات القاسية الحزينة.
*يمكننا تصنيف العمل على أنه أدب أنثوي.
*وأخيرًا.. اقتبس كلماتها عمل يحمله الكتاب.. تقول: " أفكار حياتية ومشاعر إنسانية فلسفية تثير بداخل كل من يقرأها الكثير من الأسئلة، المواقف، الذكريات.. والكثير من الأحاسيس والكلمات التي تحدث صخبًا بدواخلنا وتثقلنا برغبةٍ شديدة في التعبير عنها".


[a:مروة زهران|6450004|مروة زهران|http://www.goodreads.com/assets/nophoto/user/u_50x66-d9f6a4a5badfda0f69e70cc94d962125.png]



View all my reviews

29 مايو 2013

كيف تخسرين صداقة ست سنوات في ستة أسابيع؟!

لو ليكي صديق مهم جدًا في حياتك.. (أو كان مهم).. وانتي كمان مهمة جدًا عنده وبيعتبرك أخته بجد وبينكم عِشْرَة طويلة بقالها مثلًا ست سنين تعرفو عن بعض كل حاجة، كنتم مع بعض في كل اللحظات الحلوة والمرة عديتم سوا الأيام الصعبة.. وشاركتم بعض طعم الفرحة في أيام تانية.
كنتي سبب من أسباب نجاحه وتحقيق أحلامه..، و كان معاكي في وقت نجاحك وخد بإيدك في وقت انكسارك.
بس خلاص جه الوقت إنك مش عايزة العلاقة دي تستمر لأسباب كتير..
ممكن مثلًا تبقي شيفاه واحد بيعطلك عن حلمك في الارتباط بشخص معين هو مش شايفه مناسب ليكي وإن علاقتك بيه فيها مشاكل كتير على كل المستويات..، وممكن كمان تبقي عايزة تنهي علاقتك بيه لأنه ضميرك وعقلك وانتي في المرحلة دي مش عايزة لا ضمير ولا عقل..، ممكن كمان لأنك بدأتي تشوفيه مصدر إزعاج ليكي وكل شوية يلوم عليكي ويعاتبك، وينصحك، ويصارحك بحقيقة مش عايزة تسمعيها..، ويمكن لأنه أكتر واحد بيقدر يواجهك..، ويمكن عشان مابقيتيش مستحملة تديله حقوق كتير اكتسبها من سنين العشرة بينكم.. وبقيتي بتحسي إنها بتخنقك.
ما علينا..
المهم إنك خلاص عايزة تنهي علاقتك بيه.. ودا طبعًا مش سهل يحصل في يوم وليلة لأنه مهما كان وبرغم كل شيء صديقك.. أخوكي.. عِشْرَة سنين..
ومش عايزة تجرحيه بكلام مباشر، ومش عايزة تحسسيه إنك بتبيعيه في ثواني وإن العِشْرَة سهل تهون عليكي..
ساعتها بقى لازم ييجي دا بالتدريج، وليكن مثلًا في ست أسابيع.. على اعتبار إن كل سنة عِشْرَة تمنها أسبوع من وقتك.. ماهي بصراحة ما تستاهلش أكتر من كدا :) .. في كل أسبوع هتخطي خطوة للنهاية.. في كل أسبوع هتعملي حاجة تقرَّبك من هدفك وتبعده عنك.

الأسبوع الأول: التجاهل.
في الأسبوع دا.. كل المطلوب منك هو التنفيض.. التنفيض وبس.. ودا طبعًا غير إنه سهل جدًا فهو ممتع كمان..وبيرضي الميول الشريرة اللي عندك D: مهما يتَّصل عليكي ولا تعبريه  ولا تردي ولا حتى تنكسلي..، ولو بعتلك SMS عايز يطمن عليكي ابعتيله رسالة فيها كلمتين بس.. 
هاكلمك بعدين.
أمَّا بقى لو كان مصمم قوي يعرف أخبارك وبعتلك رسايل على الفيس فابعتيله قوليله.. كويسة الحمد لله.. انت إزيك؟.. معلش ما بدخلش الفيس اليومين دول.



الأسبوع التاني: التبرير واختلاق الأعذار.
في الفترة دي هتردي على الموبايل.. بس مش دايمًا.. وفي كل مرة قوليله أي سبب خلاكي ما ترديش.. زي مثلًا.. ما سمعتش الموبايل.. عاملاه سايلنت..، كنت باخد شاور.. كنت باصلي كل الصلوات اللي سيباها من الصبح.. أو مثلًا كنتي بتغيري البامبرز لمحاسن بنت أختك.
واخترعي أي أسباب كانت مخلياكي متجاهلاه الأسبوع اللي فات.. مثلًا.. معلش كنت مضغوطة، مخنوقة، مشغولة، مسحولة، محروقة، غرقانة.. أي حاجة.. إن شالله تقوليله إنك كنتي بتخلصي ورق الجيش.

الأسبوع الثالث: التحجُّج.
في المرحلة دي اتحججي تنهي المكالمة بسرعة.. مثلًا.. معلش أنا في مشوار دلوقتي ولازم أقفل..، البطارية بتخلص..، داخلة المحاضرة، جالنا ضيوف، مضطرة أقفل علشان اتفرج على باسم يوسف، بانشر الغسيل، الأكل على النار، أو إن محاسن بنت أختك صحيت وعايزة الراضعة.
واتكلمي ببرود وبعدم إهتمام وخلي ردك يكون على قد السؤال.. وكتري من استعمال كلمات زي .. ممممم.. أها.. تمام.. ماشي.. وطولي لحظات سكوتك.
هيحاول هو إنه يعرف ليه متغيرة من ناحيته ويحاول يقنعك تفتحو صفحة جديدة مع بعض.. مش هيزعجك فيها بإنه يتدخل أكتر من اللازم في حياتك.
هتقوليله إنك موافقة وقشطة.. بس بينك وبين نفسك طبعًا.. مقررة إن دا مش هيحصل.

الأسبوع الرابع: التهرُّب.
في الأسبوع دا بقى هتخترعي سبب (ظرف طارئ) يبرر بُعدك عنه لفترة مش هتقدري فيها تردي على الموبايل ولا الرسايل..
وبلاش يتصل هو، وإنك انتي هتبقي تكلميه لما (الظرف الطارئ دا يعدي)
قوليله مثلًا.. إنك مسافرة مولدوفيا، أو  نيكاراجوا..، أو  إن محسن ابن عمة جوز خالة ابن أخو أمك جي يصيف عندكم ومش هتاخدي حريتك..، أو إن أخوكي بقى يغلس عليكي علشان ما ديتهوش ال 20 جنية سلف يوم السبت اللي فات..، أو إن مامتك مضايقة منك اليومين دول علشان ما قعدتيش مع تانتك تهاني -اللي ابنها جي من البحرين وبيدور على عروسة- وبتتلككلك ومشددة عليكي..، أو إن أبوكي اترفد من شغله وقاعد ف البيت ومولع فيه حريقة..، أو إنك سمعتي شريط لمحمد حسين يعقوب خلاكي تحسي بالذنب لمَّا بتكلمي ولاد..،  أي حاجة يعني.. مش هتغلبي.. ياكش تقوليله إنك ناوية تدخلي غيبوبة وهتنامي قد شهر كدا.

الأسبوع الخامس: الاختفاء.
اختفي تمامًا..
لا حس ولا خبر..
في سلقط في ملقط مانتش موجودة.

الأسبوع السادس: النهاية.
_اليوم الأول والثاني.. ادخلي الفيس واعملي بوستات كتير وردي على كل التعليقات إلا تعليقاته..، ونزلي صور لأي حاجة واعملي تاجات لكل صحابك (بنات وولاد) إلا هو.
_اليوم الثالث.. هتتصلي بيه انتي طبعا لأنك محرَّجة عليه من الأسبوع اللي فات إنه ما يتصلش هو.. هتسأليه عن أحواله (كتأدية واجب مش أكتر) ولما يسألك هو جاوبيه دايما بـ .. مفيش.. كويسة.. كله تمام.. من غير ماتديه أي تفاصيل عن أي حاجة
وكرري كل شوية السؤال (انت عامل إيه، وأخبارك إيه)
_اليوم الرابع.. هيتصل بيكي يعاتبك ويسألك إيه اللي لسه مغيَّرك من ناحيته مع إنكو اتفقتو تفتحو صفحة جديدة.. هتسكتي.. هتقوليله ما كانش قصدك وإنك مش متغيرة ولا حاجة!
هيواجهك بتصرفاتك في الفترة اللي فاتت واللي معناها إنك مش عايزاه في حياتك..، هتأكديله في تردد وبرود إن دا مش صحيح وإنك بتعملي كدة مع الكل مش هو بس..، ولما يقولك إنه مش زي أي حد وإنكو عِشْرَة سنين.. اسكتي وسيبيه يقول كل للي عنده وفي الآخر اتحججي بأي حاجة عشان تنهي المكالمة وتكملوها في وقت تاني.
_اليوم الخامس.. غالبًا اليوم دا هيعدي من غير ما يكلمك وإنتي كمان مش هتتصلي.. صحيح هتبقى متوترة طول اليوم.. بس آهو يوم وهيعدي.
_اليوم السادس.. بعد الضهر.. هتتصلي تسألي عنه ولأول مرة هتحسي بتغيير نبرة صوته وبحزنه، ويمكن كمان بإنكساره.. إوعي دا كله يهزك.. استمري في طريقك
وهتلاقي لأول مرة برضه إن رده عليكي على القد لكن ما بين أنفاس الحروف هتحسي إنه عايز يقول كلام كتير وإنه محتاج يسمع منك كلام كتير..
ولا يهمك.. برضه ماتتهزيش.. كملي!
اليوم السادس.. بعد العشا.. هيكلمك هو.. بصوت مليان شروخ.. مليان وجع.. هيحاول يعرف ليه بتعملي معاه كدا.. ويبدأ يعرض عليكي حلول علشان علاقتكم تستمر، وإنه مستعد حتى يقدم أي تنازلات تطلبيها في المقابل دا..، في اللحظة دي لازم تحسسيه إن الوقت فات وإن كلامه مالوش لزوم.. مثلًا قوليله إحنا اتكلمنا في الموضوع دا قبل كدة وخلاص..، خلي لهجتك فيها ميل للاستهتار واللامبالاة وحسسيه إنه مش فارق معاكي وإن تمسكه بيكي ما بيقابلوش أي رد فعل إيجابي منك.
_اليوم السابع.. هيتصل عليكي.. ماترديش من أول مرتين تلاتة.. لو ماتصلش تاني.. يبقى خلاص كدا جت منه وفل قوي.
لو اتصل ردي وانتي مركبة الوش الجبس، وعرفيه إن وراكي حاجة لازم تعمليها فمش هتقدري تتكلمي معاه كتير
ساعتها هيقولك خلاص.. مش لازم نتكلم تاني أصلًا..،
بكل براءة.. قوليله شكرًا!
واقفلي السكة وانت ضميرك مرتاح لأن هو اللي اختار وهو اللي قرر يبعد.

10 أبريل 2013

(الجنرال).. السيد أنور



أعرَّفكم.. سلسلة هاكتب فيها عن أشخاص مهمين في حياتي.. وليهم دور وتأثير كبير على البني آدم اللي بقيت عليه دلوقتي.. كمان باتمنى يشاركني أصدقائي من الكُتَّاب والمدونين في السلسلة والكتابة هنا معايا عن أشخاص مهمين في حياتهم.
الحلقة الثانية: (الجنرال).. السيد أنور
------------------------------------------------------
والد الأستاذة ناريمان (مارو) السيد صاحبة مدونة قلب القطة


واللي بستسمحكم قبل قراءة الموضوع تقرأوله الفاتحة.
 
حالي دلوقتي غريب جدا على وشي إبتسامة بس عنيا كلها دموع مابقتش دموع حزن بقدر ماهي دموع افتقاد.

أيوة وحشتني يا أبويا yeees I miss dad.

مش عارفة الحقيقة ابتدي منين.. (السيد) أو اللورد زي ما كنا بنسمية وبنندهله في البيت وللا (أبس) أيون أبس ودا اسم جنزال إنجليزى كان شبه أبويا فأصحابه أطلقو عليه في سن ال16 اسم أبس.. اللورد كان شديد الوسامة والجمال وعلى قد دا كان شديد الرجولة وتحمل للمسؤليه بشكل يخوِّف.. لما اتولدت كان أبويا عنده 45 سنة يعني كان في عزه فى كل شيء ومن أول ما وعيت عالدنيا من سن 4 سنين وأنا بسمع في حواديت بس مش حواديت سندريلا ولا الشاطر حسن.. نووو أبسليوتلي :D دي حواديت عن الشاطر السيد..، عماتي الاتنين وعشقهم ليه حكايات عن إنه إزاي رغم عقليته اللي كانو بيعتبروها فزة (ودا أنا شوفته بعد كدا) صمِّم إنه ما يكملش تعليمة واكتفى بالثانوية العامة علشان يشتغل لأن جدي (أنور) كان عامل بسيط في شركة وحصلت له إصابة عمل وكان لازم يتكهن.. ودا بيت فيه 4 عيال غير جدتي (رحمة) ذات الأصول التركية واللي بستغرب برضه استحملت الحياة الصعبة دي إزاي والحال كان كل شوية بيضيق وهي بنت العائلة الكبيرة والكريمة وخصوصاً بعد خالها مانهب ورثها!.. المهم السيد علشان سيد ما كانش ينفع يعمل غير كدا ومن هنا إبتدى طريق حياته يختلف وياخد سكة تانية خالص وبدل ما يكمِّل جامعة (وهو كان نفسه يدرس حقوق) إنه يتطوَّع في الجيش كمجند علشان الفلوس طبعا وكانت البداية.
كالعادة هو لما بيعمل أي شيء بيعمله بإتقان لأنه دايماً عايز ينجح، كان مجند هايل ونتيجة حب رؤساؤه إدوله فرصة إنه ياخد فرقة صاعقة وطبعا وافق على الفور لأن برضه فيها فلوس أكتر والبنات إخواته بيعلمهم في مدارس فرنساوي.. فـ يللاااااااا.
كانت متعتي هي إني أقعد في حِجرة وأخواتي حاولينا ويفضل يحكلنا وإحنا بنتفرج على صوره في الطيارات وهو بالباراشوت وبيحكلنا عن الحواث اللي كانت بتحصل وإن صاحبه البارشوت ما فتحش به وإنه حاول يلحقه بس للأسف ما عرفش ولحد ما مات والواقعة دي مأثرة فيه جدا وهو بيحكي عن قد إيه الصعقة غيَّرت حياته وشخصيته والتدريبات وقسوتها وإنها فعلاً عملته راجل والحقيقة أبويا فعلاً البنى آدم الوحيد اللي شوفته ما بيخفش غير من ربنا بس.

من ضمن الحكاوي.. إنهم بيسيبو كلب أو جمل ميت لمده 10 أيام وفي التدريب يقولوله اجري يا وحششش.. هههههه.. والوحش يجري ويدب دماغه في بطن الجثة المعفنة! وإنه إزاى أكل فيران وتعابين، وسلخهم وإزاي طريقة سلخهم!.. وتدريبات النار طبعاً..، الجميل لما تبقى بتسمع دا وفي إيدك الشهادة بتحس إنه ماسك يقين فعلاً وطبعاً نتيجة تفوقه في الصاعقه إدوله فرقة مظلات وطبعاً فيها فلوس والبنات بتتعلم أحسن تعليم والبيت تمام وتيته وجدو طايرين بيه لحد ما أخدوه في حرب اليمن كل حاجة اتغيَّرت.. الرجولة بقى على أرض الواقع حكايات ما بتخلصش..، كان راجع معاه رجل غزالة اصطادها وخنجر الجيش بتاعه ودي كانت الذكرى الملموسه منها وركِّبهم هنا في ورشه واحد صاحبه وعمللُه خنجر في منتهى الروعة كل اللي بيشوفه بينبهر..؛ حكايات ما بتخلصش عن اليمن والعيشة في الجبال وأكل الكات أو الكاط وصاحبهم اللي ضرب نار حي من الخوف أثناء كمين ليلي عاملينه خلاهم يهجموا عليهم.. ههههههه.

رجع من حرب اليمن بفلوس كتير أنا كنت بسميها (تمن موته).. وقتها كان ابتدى يكره عبد الناصر اللي كان له أب من ساعة الثورة ما بدأت..، كانت كل ما تيجي السيرة يقوللي: أنا أفدي تراب مصر بعمري بس هُمَّة كمان عندهم رجالة.. أنا شوفت أصحابى بيندبحو قدام عيني علشان أرض مش أرضنا!..؛ المهم إنه بالفلوس دي البنات بتتعلم..، البنت الصغيرة دخلت المعلمات.. يا خبر بنت (رحمة) دخلت المعلمات وهتبقى مُدرسة، والبنت الكبيرة اتجوِّزت أحسن جوازة واتجهِّزت أحسن من أحسن عروسة في العيلة والمنطقة.. ربنا يخليك لينا يا سيد.

وكانت الكارثه 67 وهو راجع جري في الصحرا هو وأصحابه بعد أوامر الانسحاب العشوائي من المشير وقتها..، الجزء دا بالتحديد حسب كلام أمي (سميحة) فضل مأثر على أبويا ونومه سنين.. يفضل ينده بصوت عالي على أصحابه.. لما سألته في مرة وأنا خايفة يزعل كان نفسي أعرف بيشوف إيه.. هي جملة واحدة بس رد عليا بيها وسكت: "كل المشهد بيتكرَّر تاني وفي كل مرة بدفنهم بإيدي تاني".

أبويا رباني على 3 حاجات حطلهم الأساس.. أولهم كانت دي ويمكن هو ما قصدش التريب.. كُرهي للصهاينه وإن ليا عندهم تار ودم ماقدرش أنكر إن رغم التطور الطبيعي للحاجة الساقعة والفكر والشخصية إن الموضوع دا معايا زاد ما قلش..، علمني إن ربنا موجود ولازم دايماً يكون في بالي:  "خلي بالك مهما لقيتي نفسك غلطانة في الدنيا والدنيا سحباكي ما تسيبيش نفسك، خدي أول خطوة ترجعك ليه بسرعة..، إوعي تتردي أو تخافي منه..، ربنا بيحبنا وإحنا كمان لازم نحبه"..؛ رباني على حب الفن.. أي فن وكل فن.. كان رسَّام جمييل وليه تابلوه رائع في البيت عندنا..، زرع فيا الفن اللي بعد كدا هو عارض إني أكون فيه.

المهم بعد حرب 67 كان فيه 6 سنين استزاف واتاخد إحطياط في الجيش..، كان النصر اللي خلَّاه أكثر قوة وصلابة وعشق للسادات وكان دايماً يقوللي: "إن النصر يغفر للسادات أي شيء"، وطبعاً كان موافق على كامب ديفيد لأنه شاف بعينه الدبابات اللي نزِّلوها الأمريكان في سينا.

يمكن الحروب عملت من أبويا راجل صلب بس كان بيكرها وكرَّهني فيها الحقيقة أنا وإخواتي.. بس دايما كان يقول: "الحرب أو الكرامة يبئا الحرب على طول مافهاش كلام".

المهم أبويا كان اتجوِّز أمي وخلِّف إخواتى الاتنين الولاد اللي أكبر مني علاء الدين ووسام الدين واترستأ في وظيفة مُراجع حسابات قد الدنيا والبنات اتجوزو وأخوه اتفتحتله أحسن ورشه وابتدى حياته وتيتة (رحمة) راضية جداً.

اتولدت أنا سنة 78 أنا..، وأهلي بيقولولي كانت هتجرالُه حاجة من الفرحة لما شافك أول ما فتَّحتي عينيكي لقاها لبني لون السما قال: "دي ناريمان أمي"..، قعدت أمي تقولُه لاء دي مارو (اسم صديقتها اليونانيه اللي اتربِّت معاها في إسكندرية وهاجرت مع أهلها في أوائل الستينات)، وهو يقوللها لاء.. دي ناريمان.. هي الملكة ناريمان، وهي تقول عظيم يمين تلاتة مارو لحد ما تيتي قررت مارو وناريمان وكان فعلاً ناريمان ومارو..، سبب حبي الشديد لاسمي هو أبويا بالرغم إني طبعاً بحب اسم مارو جدااا.

عشت مع الراجل دا حياة غريبة رغم إن طبعه صعب جداااااا و(نِمَكِي) وعصبي، وقوي.. عمره ما ضربني إلا في مرات قليلة.. مرتين أو تلاتة.. مرة فيهم لمَّا كنت في سنة خمسة إبتدائي وفطرت علشان كنت بلعب مع أصحابي.. كانت علقة موت الحقيقة إلا إني فضلت أشكره بعدها كتير كل رمضان لحد ما مات، والمرة التانيه لمَّا كنت مصممة أقدم في مسابقة لشبيهات ميادة الحناوي علشان الوجوه الجديدة.. سبحان الله أكلت علقة قشطة بس برضه فضلت أشكره كتيير قوى بعدها.
 وعيت على الدنيا والراجل دا بيتحلف بيه وبأخلاقه، ورجولته ومواقفه مع الناس، وإن أي قعدة صُلح لازم تكون برئاسة (السيد أنور) وإن كلمته لازم تمشي على الكل مهما كانو وكنت بسمع أسامي ناس تقيلة قوي لحد ما في مرة كنت عند صاحبتي بنت الجيران وسألت عمو رضوان جارنا هو إشمعنى بابا يا عمو قال: "أبوكي كلمته سيف وعهد وحقاني.. لازم يا بنتي كلمته تمشي عالرقاب"..، لحد ما في مرة حصلت خناقة كبيرة قوووي في المنطقة عندنا.. أبويا القمر، الجنتل، الشيك اللي مسميينه حسين فهمي والستات بتستنى مواعيد دخوله وخروجه في البلكونات علشان تتفرج عليه.. حد تاني أول مرة أعرف قد إيه هو قوي فعلاً لدرجة إني خوفت منه.. كانت ناس بتحاول تتهجِّم على بيت عندنا بينهم مشاكل وجابولهم صِيَع وقتها ما كوناش بنسمع لفظ بلطجية.. وكان واجب الجيران إنهم يحمو جيرانهم وكان على راسهم أبويا.. أنا شوفتهم بيجرو قدامه رجالة زي البيبان والناس بتهتف باسمه.. ههههه.. حاجات كدا زي بتاعة الأفلام والله.

أوِّل واحد صليت وراه كان أبويا، وهو أوِّل واحد علمني القرآن، وأوِّل واحد قعد واتكلم معايا في نفسي إيه..، أبويا كان دايما كان يلبِّسني وياخدني نروح السينما أو نتمشى على البحر ونقعد في مكان شيك كانو صحابتي كل ما يشفوه يتَنَحُوا :D هو اللي حبِّبني في السينما.. كان نفسي أدرسها علشانه بس طبعا ما رديش.. هو اللي عرَّفني المزيكا، والفِرَق اللي بتغنى، البيتلز، والبيبي جيز،عرَّفني ألفيس بريسلي وكلارك جيبل وإليزابث تايلور وجيمس دين وهنفرى بوجر وريتشارد بيرتون.. كتييير كانت مُتعتي القعدة معاه وإحنا بنتفرج ويقوللي دا فلان ودا علان.. كانت مُتعتي كل ما أحفظ سورة قرآن كريم ويكافئني.

 وعيت على الراجل دا بيصلي كتير قوي، غير الخمس صلوات.. عرفت إنها كلها رجعات شكر لله..، وعيت عليه بيختم القرآن كتير قوي.. كان دايما يقوللي: "كل ما كان البني آدم جميل الصورة والخلقة ويسجد بوشه لربه في الأرض.. ربنا يرفعُه ليه ويقربُه".

(السيد) و(سميحة).. (سونة) :D .. الاتنين كانو بيدلعوا بعض بسونة..، وعيت على الدنيا والست دي بتحب الراجل دا قوي..، استنته لمِّا راح حرب اليمن واستنته لما راح 67.. اتجوزو وراح الاستنزاف وهي قاعدة..؛ هي شبه فاتن حمامة خرطة منها شكل وهيئة.. فكان العرسان بالهبل، وكل ما كان حد يجيلها وهي مخطوباله تقوللهم: "حد يبقى معاه القمر ويبص للطوب.. هههههههههه.. وطبعاً نتيجة إنه قمررر استحملت سخافة ستات الدنيا ومحاولاتهم المستمية لخطفه.. افتكر بابا وهو بيحكي على علقة سُخنة رزعتها لواحدة حاولت تكلمه في مناسبة مرتين ورا بعد وكانت النتيجة إنها اتجابت من شعرها.. ههههههه.. (سونا) أمي ربتنا إحنا الأربعة على إن السيد إله في البيت لازم يُحترَم وخصوصاً وهو نايم.. ترمي الإبرة ما ترنش.. ويتخاف منه طبعا.. بس إحنا كنا بنحبه ونحترمه أكتر من الخوف بالرغم إنه كان مرعب في زعله حد العمى..؛ أمي كانت ربة بيت ناجحة وقوية بتعمل حساب لأبويا حتى في شغلها.. كل الناس عارفة كويس قوي مين (السيد أنور).. بتتعامل مع كل الناس وزملائها على إنه موجود معاها في كل وقت ودا كنا بنشوفه مع مقابلات أبويا بزملائها في أي مناسبة إن كانت.

 أنا فخورة بالست دي حد الفحتتتت :D..، ياريتني كنت رُبعها.. سميحة فضلت شايلة اللورد على راسها وخصوصا آخر سنة ونص كأنها رافضة إنه يروح منها.. فاكرة شكلها كويس وهي حاطه راسه على صدرها وهو في الغيبوبه وبتكلمه: "حبيبي يا سونه فوق بقى.. انت وحشتني".. ولو فاق ونده عليها ما تردش غير بـ "أيوة يا حبيبي"..، حتى قبل وفاته بلحظات فاق علشان يقول اسمها بس ويقابل وجه رب كريم :(

وفاته كانت صدمة حتى بعد ما تعب فترة..؛ موقفين عمري ماهنساهم لأبويا من ضمن مواقف كتير.. مرة كان مسافر بورسعيد عند أهل أمي وعادي أنا راجعة من المدرسة وعلى باب البيت سمعت صوته بينادي ماااااااااارو طلعت جري عالشارع ما لقتهوش دخلت البيت وحكيت لماما قالتلي إنه هييجي بكرة، مافيش ساعة لقينا الباب بيخبط بنفتح لقيناه هو.. ماما حكتله قاللها: "أنا في التوقيت دا كنت في سيدي جابر لسه وواقف على المحطة بقول مارو وحشتيني قوي..، الموقف التاني لمَّا كان في غيبوبة وفاق وأنا بس جنبه فضلت أبوس في إيده وأقوله يا حبيبي.. انت حبيبي.. ابتسم وبصللي وقاللي: "بتعيطي ليه وشاورلي على إيده وقاللي كل واحد له وقت وأنا وقتي خلاص"..؛ وعنيه دمَّعِت وقاللي: "ما تخليش الدنيا تضحك عليكي وتسرقك خلي بالك يامارو".

 أنا مش عارفة كتبت إيه!.. أنا كتب اللي قدرت أكتبة وطبعاً مش هقراه لأني مش قادرة وتعبت بس كتبت لسببين أو تلاتة مش فاكرة.. أولاً: إن يمكن دا يكون تأريخ ولو بسيط لأبويا..؛ ثانياً: لأنكم أكيد هتدعوله بالرحمة وتدعولي أنا بالصبر بالرغم من وفاته من 7 سنين.. بس أنا بتحاشى الكلام عنه لأني كل مرة بحس إنه لسه ميت دلوقتي..؛ السبب التالت لأني بعز أخويا ضيا عزت ودا طلبه أكتر من مرة.

أبويا ما كانش علامة في حياتي.. أنا بس أبويا كان ولازال علامة في حياة كل اللي عرفوه؛ أمي العظيمة اللي اختارها إنها تكون أمي، وإخواتي اللي عمل منهم رجاله زي الفل بشقا وسابللهم سُمعة أحلى من الألماظ نفسي أزوره.. من يوم مات ما زورتهوش لأني بصراحة أضعف من إني أقف الموقف دا..؛ أبويا أنا مهما كتبت مش هاوفِّيك حقك والكلام المكتوب دا ما يجيش شيء في الحقيقة.

شكراً إن (سميحة) أمي، وشكراً إنك كنت ليا ضهر وسند وإني لسة عايشة على حسك وسمعتك..، أبويا أنا ببقى أسعد واحدة في الدنيا لما حد بيشوفني ويقوللي انتي كلك (السيد)..

 رجاءاً.. ادعو للورد كتير قوي..
 صدقوني والله هو يستاهل :)


ملحوظة رفيعة: مارو بعد كل الكلام الجميل دا لقيتها بتقوللي.. على فكرة اللي كتباه دا وحش جدا ومش عاجبني وصدقني يا ضيا مش هاعرف أكتب.

على فكرة يا مارو كتبتي حلو جدا بجد.. كفاية الصدق والعفوية والإحساس العالي اللي بين سطورك..
ربنا يرحمه ويجعل مثواه الجنة ويخليلك سميحة وكل حبايبك..، ويارب تكون آخر أحزانك.


الموضوع على مدونة قلب القطة هنا

Translate